الغذاء والصحة العامة
ان محاولتي وكثير من المختصين في علوم التغذية ـ وخاصة التغذية العلاجية ـ لا تقتصر علي وصف الغذاء من ناحية ـ التناول الكمي ـ بمعني ليس تحديد كمية لطعام والشراب علي اساس عدد لسعرات الحرارية في تكيب وانتاج كل مادة وعنصر غذائي .......
ولكن هي درجة من درجات الوصول الي ابعد من ذلك , فإن الغذاء رغم حتمية وجودة لبقاء الانسان ـ تحديدا ـ الا انه من بديع المولي عز وجل ان جعل داخل هذا الغذاء امكانية لا تقل اهمية عن الحصول علي العناصر الهامة سواء لبناء وتقوية وتعويض خلايا الجسم المختلفة ولكنها تتعدي ذلك بكثير وربما تفوقها في احيان اخري .......
لان هذه الامكانيه وهذه الصفه هي صفة الاستشفاء والعلاج بواسطة الغذاء , سواء اكانت اغذية نباتية كالخضروات والفاكهه او كانت لحوم واسماك وزيوت واللبان او مجرد القليل من الاعشاب الموزونة المدروسة بعناية وفقا لمتطلبات كل حالة مرضية بناء علي منهجية البحث العلمي في هذا الاطار ......
لذلك فانه من المهم جد التعرف علي هذه الصفة العلاجية الي يحتويها الغذاء بين طياته للحصول عليها والاستفاده منها قدر المستطاع , وهي محاولة لتغيير بعد المفاهيم الخاطئة عن السبب في تناولنا للطعام من حيث النظر اليه علي انه مجرد اشباع حالة جوع ، لذلك فهي دعوة مني ومن المختصين والمهتمين بعلوم التغذية لتصحيح ثقافتنا الغذائية حتي لا ندخل بين الحين والاخر في فترات طويلة من المرض نحن في غني عنها اذا استطعنا وبصدق ان نحول الخول الي حضن الطبيعة الام لانه كلما ابتعدنا عنها وعاندناها وحاولنا التملص من قوانينها وادواتها النافعه كلما ذاد شقائنا واصبحنا فريسة سائغة بين انياب ومخالب المرض ........
وعينا ان ندرك انه بالرغم من وجود المستحضرات الكيمائية الدوائية والتي تزيد عن 30,000 مستحضر دوائي علي مستوي العالم خلاف الاف الادوية الاخري الطبيعية المستخرجة من الاعشاب والحيوانات والعادن الطبيعة , الا انه رغم كل ذاك الكم الغذير والمنتج فانها في النهايه تساعد في المقام الاول علي احتواء الاعراض او مخفضة ومسكنة للالم وبعضها يحاول القيام بتحفيز العضو الوظيفي داخل الجسم المريض وليست هذه الصفات شئ فعال للتخلص او العلاج القاطع للمرض , واعيد واكرر انني لا قصد التقليل من اهمية ما قد وصل اليه العلم الحديث من ثورات طبية هائله جنبت الانسان الاوبئه التي كانت تجتاح العالم مخلفة ورائها مئات بل والاف من الموتي , ولكنه بات لزاما علينا ان ان يحاول كل منا الوصول الي الحلول المختلفه والمتعدده لافضل طريقه توصلنا بشكل اسلم الي تقوية اجهزتنا المناعية ـ لا ان ندمرها ـ وبشكل يتيح لنا احتواء الامراض المختلفة للشفاء منها وليس مجرد تسكينها لتخرج علينا من جديد بشكل وباطوار اشد شراسة , اذا فكلنا في النهاية نسعي للهدف نفسه وهو الشفاء وليس التحدي الشخصي لاثبات من افضل من من ولكن ما هي النتيجه الافضل للانسان ..........
ومن الغريب اننا دائما عندما نود ان نضرب مثلا عن الاصحء فاننا نضرب المثل بمن سبقونا ونقول (( احنا فين من اهل زمان , دول كانت صحتهم حلوه , لانهم اتربوا علي الاكل النضيف )) الا نقول ذلك ؟ واذا تاملنا في كلامنا وهذا المثال نجد اننا اعترفنا بشيئان , اولهم ان صحتهم كانت جيده , وثانيا ارجئنا سبب هذه الصحة الي ما كانوا يتناولونه , وهذه فعلا حقيقه , لاننا اذا نظرنا الي هذا الجانب وقمنا بتحليله نجد معادلة الاندماج مع الطبيعة في ابهي صورها , اولا كانوا ـ ولا يزال البعض القليل في هذا الزمان يفعلون ويقومون بذلك ـ كانوا يعتمدون علي الحصول علي فتره جيده من النوم ربما بعد العشاء وكان ميعاد استيقاظهم قبيل ساعات النهار الاولي ـ الفجر ـ ثم يذهبون الي اعمالهم وكانت اغلبها اعمال زراعية ـ لان مصر بلد زراعي او كانت كذلك ـ من الطراز الاول الفريد , وكانت الاستعانه بالسواعد هي العنصر الاول والغالب , وبالطبع لا يقتصر ذلك علي الرجال فقط بل كانت النساء جنبا بجنب معهم , فنظر معي وتامل هذه الحياة النموذجية , نوم مبكر استيقاظ مبكر , حصول الجسم علي اهم فائدة من النوم وهي الخول في مرحلة النوم العميق , ثم الذهاب والحركة صوب العمل بنشاط لتتحرك كل عضلة من عضلات الجسم , ومعها نشاط عالي في الدورة الدموية , مع استنشاق الهواء الصحي الغير ملوث , ومع اشراقة خيوط الشمس الاولي ـ يا له من صفاء يلهم الشعراء ـ ثم بذل الكثير من الجهد العضلي ثم يعقب ذلك ن يطلب الجسم رغبته في تناول الطعام , وبالمثل في جميع الدول العربية سواء كانت زراعية او تعتمد علي رعي الابل والاغنام او الماشية , فهل تري معي في هذه الصوره البسيطه احتمالية حدوث كسل او اصابة الجسم بالسمنه و بمشكلات العظم والمفاصل او فقر الدم او امراض الضغط والسكري , او حتي وجود نزعة داخلهم في التحدث علي الاخر فيما يكره او حتي يحب , بالطبع لا فهم منهمكون في اعمالهم واكثر من ذلك شغلوا بتقوية الجسد علي كل ما يفيده ـ رغم انهم لا يقصدون ذلك بشكل علمي كاديمي , ولكنها تحققت تباعا , اضافة الي الجانب النفسي والروحي من الانغماس فيما يفيد الارض من عماره وما يفيد الجسم من نظام صحي متكامل , وفيما يقوي الروح من عبادة وصلاة علي وقتها كل حسب ديانته ..........
هذه كانت حياة اغلب من سبقونا , لذلك فانهم دخلوا الي احضان الطبيعة الام فاعطتهم ما يستحقون , اما نحن فنحاول بكل ما اوتينا من اصرار ان نبحث عن طبيعة خاصة نتعايش معها وسخرنا العلم وحولناه من وسيله لخدمتنا بشكل سليم ومفيد يعود الينا الي وسيله ترفيهيه بحته , نعتمد علي السيارات الخاصه للتنقل بها الي اقل مسافة ممكنه وربما بقليل من الجهد نستطيع ان نقطع هذه المسافة مشيا علي الاقدام , لكننا ننظر الي هذه الامتار المعدوده علي انها عدة كيلومترات وعلي انها نوع من الاسفار البعيدة الخطي , جلسنا امام التلفاز بقنواته الغير محدودة لنشاهد ما يقوله البعض علي البعض , جلسنا لنشاهد ونستمع باصغاء شديد ولنتفاعل مع المسلسل والفيلم والبرنامج ـ واي كلام تاني ـ وامسكنا بين ايدينا اكياس من المسليات والمكسرات لب , سوداني , فيشار , ومياه غازية , وحلويات وماكولات تفننا والبعض في انتاجها , لنترك اطفالنا واجيال نشأت علي اخز العلوم والمعارف من هذه القنوات وليس من روح الاسره التي تتحدث فيما بينها عن احوالهم واحلامهم , ليس هذا فقط بل ولندخل انفسنا الي المرض ـ بكل انواعه ـ بدءا من الكسل والتبلد الفكري وصولا الي السمنه وزيادة لوزن ثم النوم متاخرا وما يتبعه من الاستيقاظ صباحا في حالة من حالات تكسير العظام ـ اذا جاز التعبير ـ ثم انظر الي وجوه الناس في فترة الصباح ستجد مالا يصرك , الجميع يمشي اما مسرعا للامام واحيانا بالجنب علي شكل زجزاجي متخبطا في الماره , يكسوا وجهه خمول عجيب الهيئه فالعين نصف مغمضه والشفتين مضمومتان ومشدودتان قرب الذقن , والحاجبان ملتصقان , والراس تميل الي الامام وربما تتحرك باهتزاز علي الجانبين , واياك ثم اياك ان تقترب من احدهم وهو علي هذه الشاكله , لانك ستسمع وربما تتلقي منه مالا يمكن ان تصله افضل المراكز والعيادات الطبية الخاصة ......
هذا بعض من حالنا لذلك فان حديثن الان عن الغذاء وما يمكننا ان نستفيد منه من الناحيه الطبيه العلاجية , ولكي نحاول معا ان نفهم بعض الحقائق ونطبقها علي انفسنا قبل ان نستعين علي مشكله مثل ـ الامساك ـ بالاساع في اخذ الملينات , لماذا ؟
لاننا فضلنا ان نستغني عن المضغ الجيد للطعام قبل ان نبلعه سليما , ومن ان نتناول الكميه المناسبه من الماء , والالياف الطبيعة , والحركة الجيدة , واصبح الحل من وجهة نظرنا هو هي قرص هاضم او حبايه او زيت وربما حقنه شرجيه لنتخلص من هذه المرض الذي هو في الاساس عرض وليس مرض واصبح الكثيرون منا بنسبه يصعب حصرها يعانون من هذه الحالة , وغيرها الكثير من الامراض التي تسببنا في جلبها الي اجسامنا طواعية منا , وربما عدم معرفة في احيان كثيره ........
ومعا باذن الله تعالي نحاول ان ندخل الي هذا العالم الجميل الرائع والذي لن يكلفنا الكثير , مقارنة بالادوية الكيماوية , ولكننا سنجد معه الحل لكثير من مشكلاتنا الصحية قبل ان يتفاقم حجم المشكلة ونصبح في خبر كان ........
وسوف نبين اولا ونتكلم عن بعض هذه الاغذية وما تحتوي عليه من عناصر غذائية وعلاجية اذا صادفتنا مشكلة ما في نقص عنصر من هذه العناصر في اجسادنا او لنزيد من الاغذية التي ترفع من مناعة اجسادنا , وفقا لاخر ما توصل اليه العلم لتحديد ومعرفة هذه العناصر, ونبداء الحديث عن لخضروات والفاكهة بمحاولة ترتيبها ابجديا , ثم لاحقا عن الاعشاب والله المستعان ........
من كتاب الصحة في اكلة وعٌشبة
احد مؤلفاتي
ناجي عبد الهادي